الحقوق المدنيّة / سياسة - ليبيا

حماية النساء أوقات النزاع طبقا للمواثيق الدولية

20.02.2017 / تم الإنشاء من قبل jwc

حماية النساء أوقات النزاع المسلح طبقا للمواثيق الدولية الحرب داء لازم المجتمعات البشرية، لم يسعفها تمدنها ولا حضارتها بالتخلص منه، وكل جهودها صبت في التخفيف من تداعياته ومضاعفاته، هذه الجهود التي أخذت زمنا طويلا لتستقر عرفا يحد من ويلات الحرب تجاه أطرافها المباشرة من عسكريين أو المكتوين بنارها من المدنيين. وبتطور القانون الدولي، وتبلور قواعده بالتقنين، جاءت اتفاقيات لاهاي الأولى والثانية عامي 1899 و1907 واتفاقيات جنيف الأربع عام 1949، والبروتوكولان المكلفان لها عام 1977 وانتهاء بقراري مجلس الامن 1325 و2242 ما يهمنا عرضه، بإيجاز في هذا المقال، هو ماذا قدمت هذه الاتفاقيات والقرارات لحماية المرأة؟ بوصفها الطرف الأضعف وقت النزاعات المسلحة. ويجدر بنا قبل عرض هذه الحماية أن نضبط مصطلح النزاعات المسلحة. فوفقا للقانون الدولي، النزاعات المسلحة مصطلح يتسع ليشمل، بالإضافة إلى الحرب بين دولتين أو أكثر، النزاعات المسلحة الداخلية التي لاتقل في ضراوتها وآثارها المدمرة عن النزاعات المسلحة الدولية. وقد عني بتعريفها البروتوكول الثاني الملحق باتفاقيات جنيف الصادر 1977 بنصه على أن "يعتبر النزاع المسلح داخليا في حالة النزاعات المسلحة بين القوات المسلحة لدولة ما وقوات منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخرى، يشترط فيها أن تمارس أعمالها تحت قيادة مسؤولة على جزء من إقليم الدولة ولها من السيطرة ما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة، وتستطيع تنفيذ هذا الملحق". وهذا ما ينطبق علي واقع الصراع المسلح الدائر في ليبيا بين السلطة الشرعية ومن ينازعها تلك الشرعية (قوات فجر ليبيا). وإذا عدنا لأوجه الحماية المقررة للنساء في أوقات النزاعات المسلحة الدولية والداخلية نجد أن اتفاقيات جنيف الاربع الصادرة عام 1949 التي تعد الحجر الأساس للقانون الدولي الإنساني، الذي روحه وجوهره "أنسنة الحرب" قد كرست الحماية للمستهدفين بها وقت النزاعات المسلحة".. الاتفاقية الاولى لتحسين حال الجرحى والمرضى من القوات المسلحة في الميدان. الاتفاقية الثانية لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار. الاتفاقية الثالثة الخاصة بأسرى الحرب. الاتفاقية الرابعة حماية المدنيين. ولم تضع نصوصا خاصة بالنساء، وليس معنى ذلك عدم تمتع النساء بالحماية المقررة فى تلك النصوص، فطبقا لقاعدة المساواة بين الجنسين وعدم الإضرار بالإنسان بناء على جنسه، فإن المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع تسري على النساء متى توافرت فيهن الصفة والمركز القانوني المقررة فيها. أي أنهن تحت وطأة النزاع المسلح واقعات ضمن سلطة أطرافه "القانونية أو الواقعية"، فالمادة الثالثة تلزم أطراف النزاع بعدم القيام بأي من المحظورات التالية فى جميع الأوقات والأزمان، وهي: : 1- الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية مِن قتل أو تشويه أو معاملة قاسية أو تعذيب . 2- أخذ الرهائن . 3- الاعتداء على الكرامة الشخصية وبخاصة المعاملة المهينة والحاطّة بالكرامة . مع إعطاء خصوصية حماية للنساء المشاركات فى النزاع المسلح، كونهن الأكثر عرضة لانتهاكات الحروب من الاستغلال الجنسي وأنماط الاعتداء على الشرف من ناحية، علاوة على أن حماية الأطفال زمن النزاعات المسلحة يوفر أوجه حماية أخرى للمرأة لدورها في رعاية الأطفال. وليس أدل من صور تلك الخصوصية ماذهبت إليه اتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب بنصها على 1 يجب معاملة الأسيرات بكل احترام وانسانية وأن تعامل النساء بكل الاعتبار الواجب لجنسهن، وأن يتم معاملتهن بالمساواة مع الرجال فى المعاملة على أية حال. 2- أن يتم تخصيص مهاجع أو منامات منفصلة لأسيرات الحرب فى جميع المعسكرات التى يتم احتجازهن فيها وتلتزم القوات المسلحة الدولية عند تصميم قفص الاسرى بفصل أقسام خاصة للنساء فيها دورات المياه للنساء وبعض المستلزمات النسائية. 3- في مجال الرعاية الطبية والصحية للنساء الاسيرات، يخصص لهن مرافق منفصلة عن باقي الأسرى من الرجال. 4- لا يحكم على النساء الأسيرات بعقوبات أشد ولا يعاملن معاملة أشد أثناء تنفيذ العقوبات عما يطبق على النساء اللواتي يتبعن القوات المسلحة للدولة الحاجزة. 5- يكون الاشراف على الأسيرات من قبل نساء مثلهن . ولم تشذ الاتفاقية الرابعة من اتفاقيات جنيف المخصصة لحماية المدنيين عن تخصيص نصوص لحماية النساء رغم أنهن في المقام الأول من المدنيين الذين تشملهم نصوص الاتفاقية بالحماية. ومن أهم هذا النصوص الخاصة التي تعد علامة فارقة في مسيرة القانون الدولي الانساني تجاه حماية النساء وقت النزاعات المسلحة نص المادة 27 التي جرّمت "اغتصاب النساء". 1- "يجب حماية النساء بصفة خاصة من أي اعتداء على شرفهن من اغتصاب او إكراه على الدعارة أو أي هتك لحرمتهن". وبهذا طويت صفحة سوداء من تاريخ الحروب كان فيها فعل الاغتصاب مبررا. كما أن هناك قواعد أخرى في غاية الاهمية لحماية النساء الحوامل واللاتي في حالة النفاس والمرضعات، ومنها: 2- جواز تخصيص مواقع استشفاء وأمان للنساء الحوامل وأمهات الاطفال دون السابعة. 3- أقر للحوامل حماية واحترام خاصين. 4- عمل ترتيبات محلية لنقل النساء من المناطق المحاصرة او المطوقة واحترامها وحمايتها اثناء عملية النقل. 5- حرية مرور المواد الغذائية والطبية مثل المقومات للنساء الحوامل والنفاس. 6- يجب أن تتمتع النساء بأية معاملة تفضيلية يعامل بها رعايا الدولة المعنية. 7- حجز النساء الأسيرات في أماكن مخصصة لهن والإشراف عليهن نسائيا. 8- وعند الضرورة في حالات استثنائية مؤقتة يمكن إيواء النساء في معتقل الرجال شريطة توفير قسم مخصص بعيدا عن الرجال، ومستقل، وتوفير مرافق صحية لهن وتدار نسائيا. 9- يصرف للحوامل والمرضعات أغذية اضافية تتناسب مع احتياجتهن. 10 -لا يجوز تفتيش النساء إلا من قبل النساء فقط وأن يتم الاشراف عليهن والادارة من قبل النساء (المادة 97). 11- لا يجوز نقل المعتقلات في حالة الولادة مادام ذلك يعرض حياتهن للخطر (المادة 127). 12- تقوم الدول أطراف النزاع اثناء العمليات الحربية بعقد الاتفاقيات للإفراج عن فئات معينة من المعتقلين منهم النساء الحوامل وأمهات الرضع والاطفال الصغار، وتعمل على إيوائهم في بلد محايد أو إعادتهم إلى منازلهم أو إلى أوطانهم (المادة 132). وقد شهد العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بروز بؤر صراعات مسلح داخلية، جرّت الويلات للناس والانسانية، ما استدعى إصدار البروتوكولين الاضافيين لعام 1977 وقد خص النساء بالحماية سواء وفقا لقاعدة المساواة في التعامل أو بإيراد نصوص خاصة بحمايتهن، فمثلا، تنص المادة 75، من البرتوكول الاول على حظر انتهاك الكرامة الشخصية وبخاصة المعاملة المهينة للانسان والحاطّة من قدره، والإكراه على الدعارة وأي صورة من صور خدش الحياء العام. بينما جاء نص المادة 76 بإجراءات إضافية لصالح النساء كمايلي: 1- إعطاء أولوية عند النظر في قضايا النساء إلى الحوامل وأمهات الصغار اللواتي يعتمد عليهن أطفالهن، والمعتقلات بسبب النزاع المسلح. 2- تتجنب الدول أطراف النزاع قدر المستطاع إصدار حكم الإعدام على النساء وبخاصة الحوامل وأمهات الصغار اللواتي يعتمد عليهن أطفالهن. بعد العرض الموجز لاتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولين الاضافيين، نسجل الملاحظات التالية: 1- تعتبر قواعد اتفاقيات جنيف الأربع من ضمن القواعد الآمرة في القانون الدولي، يترتب على مخالفتها من الأطراف المحاربة المسؤولية الجنائية، فالانتهاكات التي ترتكب في حال عدم الالتزام بتلك القواعد ترقى إلى جرائم الحرب التي لا تسقط بالتقادم ولا يجوز الاحتجاج بالقانون الداخلي اذا لم يقنن قواعدها. 2- الحماية المقررة للنساء فى هذه الاتفاقيات والبروتوكولين ركزت أساسا على حماية المرأة انطلاقا من كونها أُمّا، في فترة الحمل أو الرضاع أو رعاية الاطفال، وكذلك حمايتهن من الاستغلال الجنسي بصوره المتعددة. 3- نطاق الحماية المقرر في البروتوكول الثاني امتد ليشمل حماية النساء وقت النزاعات المسلحة الداخلية. وإذا أسقطنا تلك النصوص على واقع النزاع المسلح الدائر في ليبيا، نقول أن الطريق طويل وشاق لحماية النساء من تداعياتها، ولكن السير فيه واجب وأمانة ومن أضعف الايمان نصرة لنصف المجتمع الليبي، ومقالنا هذا جزء منه.

المعلومات

  • النوع : مقال
  • المؤلف : نسرين عامر
  • دار النشر : صحيفة مدافعات
  • تاريخ النشر : 2016
  • عدد الصفحات : 2
  • اللغة : العربية

التعليق

أنشئ حسابا لكتابة تعليقا وللتبادل مع الأعضاء

التسجيل مع المؤسسة